شخصيات خلدت اسمها في التاريخ

 

جابر بن حيان صلاح الدين الأيوبي جبران خليل جبران ابن خلدون المتنبي أبو بكر الرازي

تأبط شراً ابن النفيس الخوارزمي  ابن سينا ابن رشد

  ثابت بن قره الإدريسي الشنفري ابو العلاء المعري

 

جبران خليل جبران

عمل الطالب : مجد كاسوحة

 

ولد هذا الفيلسوف ,الشاعر و الرسام, قرية بشري في لبنان في 6 كانون الثاني عام 1883 كان والده خليل سعد جبران الزوج الثالث لأمه كاملة رحمة التي كان لها أبن اسمه بطرس من زيجة سابقة ثم أنجبت جبران و شقيقتاه مريانا وسلطانه

كان والده، خليل سعد جبران، يعمل راعياً للماشية ويمضي أوقاته في شرب الخمر ولعب الورق. كان صاحب مزاج متغطرس، ولم يكن شخصاً محباً، كما يتذكر جبران، الذي عانى من إغاظته وعدم تفهمه. وكانت والدته كاملة رحمة، من عائلة محترمة وذات خلفية دينية، واستطاعت أن تعتني بها ماديا ومعنويا وعاطفيا وكانت قد تزوجت بخليل بعد وفاة زوجها الأول وإبطال زواجها الثاني. كانت شديدة السمرة، ورقيقة، وصاحبة صوت جميل ورثته عن أبيها .

لم يذهب جبران إلى المدرسة لأن والده لم يعط لهذا الأمر أهمية ولذلك كان يذهب من حين إلى آخر إلى كاهن البلدة الذي سرعان ما أدرك جديته وذكاءه فانفق الساعات في تعليمه الأبجدية والقراءة والكتابة مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب.

وبفضل أمه تعلم جبران العربية و لاحظت ميله للرسم و الموسيقى فأحضرت له ألبوماً من الصور لليوناردو دافينشي الذي قال جبران فيه (لم أر قط عملاً له إلاّ وانتاب أعماقي شعور بأن جزءاً من روحه تتسلل إلى روحي) كان جبران يحب أمه حباً جمّا فكان يعبر بقوله (يا أمي) عن  كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والعاطفة وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. (الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنون والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه(

كان جبران حساسا ويقول الكاتب ميخائيل نعمة عن جبران أنه كان يرسم ويعبر عن محتوى قلبه بالرسم على جدران المدرسة السريانية ويقال أنه يوماً طمر ورقة في التراب و انتظر أن تنبت.!!!

غادر جبران و أمه وشقيقتاه إلى أمريكا هرباً من ظروف القهر و سوء معاملة الأب لهم وأيضاً بسبب الاحتلال العثماني للبنان ولكنه بقيَ محتفظاً بلبنان و بشري و وادي قاديشا في قلبه وبالرغم من ضعف لغته العربية حين عودته إلى لبنان إلا أنه بدأ بالتعبير عن أفكاره بلغته الأم كانت حقيبته تحوي على جزء صغير من الملابس وممتلئة بالكتب كالأناجيل وكتاب لوتماس بلفنيتش و أسطورة أورفيوس و النبي الفارسي زردشت والفلسفة الفيثاغورثية و الأساطير الهندية.و عاد إلى بشري إلى حضن أبيه فملئ له خزانته بكنوز اللغة العربية الأدبية و العلمية والشعراء الصوفيين .

أصدر جبران أول عمل له بالتعاون مع يوسف الحويك عام 1900 وكانت مجلة المنارة التي كان ينشر فيها جبران رسومه الكاريكاتورية و بعض القصائد الذي نشرها من أجل الفوز بالجائزة التقديرية 1901

المآسي في انتظار جبران

غادر لبنان إلى بوسطن ولكنه لسوء حظه وصل بعد وفاة شقيقته سلطانة. وخلال بضعة أشهر كانت أمه تدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية لاستئصال بعض الخلايا  السرطانية و لكنها لاقت نحبها بسبب فشل العملية في آذار 1903

 لم يعرف جبران ماذا يفعل، فكان يترك البيت ويهيم على وجهه هربا من صورة الموت والعذاب. وزاد من عذابه أن الفتاة الجميلة التي كانت تربطه بها صلة عاطفية، وكانا على وشك الزواج في ذلك الحين جوزفيين بيبادي     التي عجزت عن مساعدته عمليا في تعليمه الانكليزية الصحيحة في حين أن صديقه الآخر الرسام هولاند داي لم يكن قادرا على مساعدته في المجال الأدبي بل ساعده في المجال الفني

كانت بوسطن في مطلع القرن العشرين مركزاً فكرياً حيوياً اجتذب فنانين مشهورين وكان بعضهم راغباً في الخروج من معاقل المادية للبحث عن سبل فنية جديدة واستكشاف ميثولوجيا وحضارات الشرق بل وعلومه الباطنية والروحية. وغاص جبران في هذا المجتمع البوسطني الذي تزدهر فيه حركات صوفية كان أبلغها تأثيراً الحكمة الإلهية التي أنشأتها عام1875 الأرستقراطية الروسية هيلينا بتروفنا بلافاتسكي التي اطلعت على تراث الهند و التيبت وشجعت نهضة البوذية و الهندوسية. وشيئاً فشيئاً، اتضح له أن الروحانية الشرقية التي تسكنه يمكن أن تجد تربة خصبة في هذه البيئة المتعطشة للصوفية  

أنجز رسوماً عديدة تفيض بالرمزية  اجتذبت أعماله كثيراً من الفضوليين، ولكن قليلاً من الشارين. وعبر عدد من النقاد عن إعجابهم بها فخطت مرحلة جديدة من حياة جبران كما كان الصحفي أمين الغريب صاحب جريدة كانت تنشر بالغة العربية في نيويورك الذي دعى جبران عندما علم بوجود شاب لبناني موهوب فاطلع على رسوماته و قصائده و مقالاته ونشرت لجبران أول مقالة مقابل دولارين بعنوان (المهاجر) وبعد فترة صدر أول كتاب لجبران بعنوان دمعة و ابتسامة, تحدث فيه عن المحبة و الجمال و الحكمة والشباب.

جبران وباريس

كانت باريس  في بدايات القرن العشرين حلم فناني العالم كله. بعد وصوله إليها بوقت قصير، أقام في " مونبارناس"، وسرعان ما انتسب إلى أكاديمية جوليان ، أكثر الأكاديميات الخاصة شعبية في باريس ، التي تخرج منها فنانون كبار، "ماتيس"، و" بونار"، و" ليجيه" وانتسب كطالب مستمع إلى كلية الفنون الجميلة أوقات فراغه، كان جبران يقضيها ماشياً على ضفاف نهر السين ومتسكعاً ليلاً في أحياء باريس القديمة. بعد أن ترك باريس   لاحقاً، قال لصديقه "يوسف حويك" الذي عاش معه سنتين( كل مساء، تعود روحي إلى باريس وتتيه بين بيوتها. وكل صباح، أستيقظ وأنا أفكر بتلك الأيام التي أمضيناها بين معابد الفن وعالم الأحلام في مدينة النور)

 

"فقدت والدي.. مات في البيت القديم، .. كتب لي أصدقاؤه أنه باركني قبل أن يسلم الروح. لا أستطيع إلاّ أن أرى الظلال الحزينة للأيام الماضية عندما كان أبي، وأمي وبطرس وكذلك أختي سلطانة يعيشون ويبتسمون أمام وجه الشمس حيث ولد" هذا ما قاله جبران عندما توفي والده فبقي جبران الحزين وحيداً

 

 عاد جبران من باريس إلى بوسطن عام 1910 و اقترح على ماري هاسكل الزواج والانتقال إلى نيويورك هربا من محيط الجالية اللبنانية هناك والتماساً لمجال فكري وأدبي وفني أرحب. ولكن ماري رفضت الزواج منه بسبب فارق السن، وان كانت قد وعدت بالحفاظ على الصداقة بينهما ورعاية شقيقته مريانا العزباء وغير المثقف.

وهكذا انتقل جبران إلى نيويورك ولم يغادرها حتى وفاته. وهناك عرف نوعا من الاستقرار مكنه من الانصراف إلى أعماله الأدبية والفنية فقام برسم العديد من اللوحات لكبار المشاهير مثل رودان وساره برنار وغوستاف يانغ وسواهم .

ميري

حال وصوله إلى بوسطن في بداية تشرين الثاني، هرع لرؤية أخته "مارينا" ثم مضى لرؤية صديقته ميري التي أعلمته حرصاً منها على إبقاء الفنان تحت رعايتها ـ بأنها مستعدة للاستمرار في منحه الخمسة وسبعين دولاراً التي كانت تقدمها له إبان إقامته الباريسية. ونصحته باستئجار بيت أوسع لممارسة فنه بحرية. وساعدته في تحسين لغته الإنكليزية, وتعززت صداقتهما. وفي 10 كانون الأول، زارها في بيتها لمناسبة عيد ميلادها السابع   و الثلاثين وعرض عليها الزواج لكنها رفضت بحجة أنها تكبره بعشر سنوات ثم عادت فرفضت مرة أخرى. ربما بسبب علاقاته مع نساء أخريات، أو لخوفها من الزواج بأجنبي. . وسعى جبران بعد ذلك لإغراق خيبة أمله في العمل. وسرعان ما شعر بأن بوسطن مدينة باردة وضيقة وأنها أصغر من طموحاته الفنية، خصوصاً بعد تلك الإقامة في باريس الرحبة والدافئة، عدا الجرح الذي تركته فيه "ميري". وقرر المغادرة إلى نيويورك. حزم حقائبه غير آسف، حاملاً معه مخطوطة "الأجنحة المتكسرة" ونسخة من "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه

 في 18 تشرين أول أنتقل إلى نيويورك وبدأ برسم لوحات جديدة واستغل جبران الصيف لإنهاء "الأجنحة المتكسرة "، أكثر أعماله رومانسية، والتي أنبأت بأسلوبه وفكره المستقبليين " وكتب مقالتين، إحداهما بعنوان "العبودية"، حيث يندد بالعبودية التي تقود شعباً وفقاً لقوانين شعب آخر، والأخرى بعنوان "أبناء أمي" يتمرد فيها على مواطنيه الذين لا يثورون في وجه المحتل.

 في 15 نيسان 1912، هزت العالم حادثة غرق الـ "تيتانيك"، التي كان على متنها مئات الأشخاص، بينهم 85 لبنانياً، غرق 52 منهم. كانت الكارثة صدمة بالنسبة لجبران، الذي عز عليه النوم تلك الليلة. في اليوم نفسه، التقى بعبد البهاء، ابن بهاء الله مؤسس حركة البهائية الروحية في إيران، ودعاه لإلقاء خطاب أمام أعضاء "الحلقة الذهبية" حول وحدة الأديان.

 في العام 1913، التقى بعدد من مشاهير عالم الفن النيويوركيين، مثل الشاعر "ويتر بوينر". وفي شباط، تخلى لـ "ميري" عن مجموعة من لوحاته وفاء للدين، متمنياً أن يتخلص من هذا الوضع الذي كان يضايقه. وعاد إلى إكمال مجموعة بورتريهاته، مخصصاً إحداها للمخترع الأمريكي "توماس إديسون" وأخرى لعالم النفس السويسري "كارل غوستاف يونغ" الذين قبلا الجلوس ليرسمهما جبران. والتقى بالفيلسوف الفرنسي "هنري برجسون" الذي وعده بأن يسمح له برسمه في باريس، معتذراً آنئذ بسبب الإنهاك من السفر، وبالممثلة الفرنسية  ساره برنهاردت باختصار، كانت لطيفة يؤكد جبران.( حدثتني بفرح غامر عن أسفارها إلى سورية ومصر، وأخبرتني أن أمها كانت تتكلم العربية وأن موسيقى هذه اللغة كانت وما تزال حية في نفسها) . وقبلت أن تجلس ليرسمها، ولكن عن بعد "كي لا تظهر ملامح وجهها"

 

في نيسان 1913، ظهرت في نيويورك مجلة "الفنون"، التي أسسها الشاعر المهجري الحمصي نسيب عريضة . ونشر فيها جبران مقالات متنوعة جداً وقصائد نثرية. ووقع فيها على دراسات أدبية كرسها لاثنين من كبار الصوفيين، الغزالي وابن الفارض، الذين تأثر بأفكارهما.

ماري زيادة

 "مي" هو الاسم الذي اختارته تلك المرأة القلقة، التي تبدو، كالبحر، تارة هادئة وشفافة، وأخرى ثائرة,أتقنت لغات عدة، وأظهرت مواهب اكتشفت جبران من خلال قراءتها "للأجنحة المتكسرة" , وخالفته في رأيه للمرأة في "يوم مولدي" التي ظهرت في الصحافة. وأسرها أسلوبه .تراسلا، وتبادلا في رسائلهما الإطراء وتحدثا عن الأدب. روى لها همومه اليومية، وطفولته و طموحاته و أحلامه وانعقدت بينهما علاقة ألفة وحب.

وانقطعت رسائل جبران عقب قيام الحرب العالمية الأولى ، تعلقت بذكرى مراسلها البعيد ورفضت كل الطامحين إلى الزواج منها. وتمنت في مقالة لها أن تكون بقرب ذلك الوجه الذي يمنع البعاد رؤيته.

لم يلتقيا قط، غير أن الكاتبين شعرا أنهما قريبان أحدهما من الآخر، وأحس أن "خيوطاً خفيفة" تربط بين فكرهما  وقال: (إن روح مي مرتبطة بروحي) إن مشاعرها الحقيقية كانت تبوح بها في مقالاتها. وإن كانت قد خصت أعماله بمقالات نقدية مدحية، فقد نهرته في أخرى. وفي مقالة بعنوان "أنت، الغريب"، عبرت عن كل هواها نحو "ذاك الذي لا يعرف أنها تحبه" والذي تبحث عن صوته بين كل الأصوات التي تسمعها.و بالرغم من كل شيء بقيت مراسلاتهما المتباعدة واحدة من الأخصب و الأجمل في الأدب العربي

و برأي كانت هذه المراسلات تجسيداً واقعياً للحب الذي خلقه الله على بين الرجل و المرأة والعلاقة القائمة على الأفكار و المشاعر الرومانسية والتي لم تستطع 400000 كلم من لبنان لأمريكا من منعها من ولادة أجمل الأحاسيس الشرقية في أدبنا العربي.

وإنما قطعتها الحرب الذي أقلقت جبران على الوضع المضطرب في لبنان لأن السلطات العثمانية استولت على كل موارد البلد، وصادرت الماشية، وانتشرت المجاعة، وقمع المعارضون وعلق جمال باشا السفاح مشانق الوطنيين اللبنانيين والعرب في الساحات العامة. وشعر بالذنب لبعده عن "أولئك الذين يموتون بصمت". ولم يتردد في قبول منصب أمين سر لجنة مساعدة المنكوبين في سوريا وجبل لبنان. وساهم بمشاركة الجالية السورية ـ اللبنانية في بوسطن ونيويورك في إرسال باخرة مساعدات غذائية إلى مواطنيه

    دفع هذا النشاط بعض الكتاب لأن يجعلوا من جبران أيديولوجياً وصاحب نظرية سياسية، غير أنه لم يكن من ذلك في شيء. وقد رد على من حضه للقيام بدور الزعيم السياسي بالقول: "لست سياسياً، ولا أريد أن أكون كذلك". كان دافعه هو حس المسؤولية وتلبية نداء الواجب. كان همه إنسانياً، تحرير الوضع البشري من كل عبودية

أبطأ النشاط الإنساني والأخبار المأساوية التي توافدت عليه من أوروبا والمشرق نتاجه الأدبي. صحيح أنه نشر عام 1914 مجموعته "دمعة وابتسامة"، غير أنها لم تكن سوى جمع لمقالات بالعربية (56 مقالة) نشرت في " جريدة "المهاجر"، وكان هو نفسه قد تردد في نشرها. كانت ذات نفحة إنسانية وضمت تأملات حول الحياة، والمحبة، والوضع في لبنان وسورية، وقد اتخذت شكل القصيدة المنثورة، الأسلوب غير المعروف في الأدب العربي، وقد كان رائده

في هذه الفترة تقريباً، شعر بالحاجة للكتابة بالإنكليزية، هذه اللغة التي يمكن أن تفتح له الكثير من الأبواب وتمكنه من ملامسة الجمهور الأمريكي. قرأ "شكسبير" مرة أخرى، وأعاد قراءة الكتاب المقدس (الأنجيل) مرات عدة بنسخة "كينغ جيمس", كانت إنكليزيته محدودة جداً، غير أنه عمل طويلاً وبجد حتى أتقن لغة شكسبير ولكن دون أن يتخلى عن لغته الأم: "بقيتُ أفكر بالعربية". كان غنى العربية، التي أولع بها، يدفعه دائماً إلى سبر الكلمة التي تتوافق بأفضل شكل مع مثيلتها في الإنكليزية، بأسلوب بسيط دائماً.

   كان أمامه مشروع "النبي"، الذي نما معه منذ الطفولة. سار العمل بطيئاً جداً. أراد أخيراً أن يجد موضوعاً يستقطب أفكاره ولغته الثانية. وفكر جبران: ما الذي يمكن، مع الإفلات من العقاب، أن يكشف حماقة الناس وجبنهم وينتزعه كان يقول: إن "المجنون هو من يجرؤ على قول الحقيقة"، ذاك الذي يتخلى عن التقاليد البالية والذي "يُصلب" لأنه يطمح إلى التغيير. برأيه، "أن الجنون هو الخطوة الأولى نحو انعدام الأنانية) وهذا صحيح لأن هدف الحياة هو تقريبنا من أسرارها، والجنون هو الوسيلة الوحيدة لذلك. وهكذا، عنوان كتابه   (The Madman)   

. في خريف 1916، التقى مرة أخرى بمخائيل نعيمة ، الذي ألف فيه كتاباً، جبران خليل جبران". كان "نعيمة" يدرس في روسيا قبل أن يتوجه إلى الولايات المتحدة، حيث درس أيضاً القانون والآداب. كتب كلاهما في "الفنون"، وكلاهما آمنا بالتقمص، وناضل كلاهما من أجل تحرير بلدهما عبر لجنة المتطوعين، جبران كمسؤول عن المراسلات بالإنكليزية ونعيمة كمسؤول عن المراسلات بالعربية

في أيار 1919، نشر جبران كتابه السادس بالعربية، "المواكب". كان قصيدة طويلة من مائتين وثلاثة أبيات فيها دعوة للتأمل، كتبها على شكل حوار فلسفي بصوتين: يسخر أحدهما من القيم المصطنعة للحضارة؛ ويغني الآخر، الأكثر تفاؤلاً، أنشودةً للطبيعة ووحدة الوجود. وقد تميز الكتاب بتعابيره البسيطة والصافية والتلقائية.

 رائعة جبران (النبي) 

سنة 1923 ظهرت إحدى روائع جبران وهي رائعة (النبي) ففي عام 1996، بيعت من هذا الكتاب الرائع، في الولايات المتحدة وحدها، تسعة ملايين نسخة. وما فتئ هذا العمل، الذي ترجم إلى أكثر من أربعين لغة، يأخذ بمجامع قلوب شريحة واسعة جداً من الناس. وفي الستينيات، كانت الحركات الطلابية والهيبية قد تبنت هذا المؤلف الذي يعلن بلا مواربة: "أولادكم ليسوا أولاداً لكم، إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها...".

حمل جبران بذور هذا الكتاب في كيانه منذ طفولته. وكان قد غير عنوانه أربع مرات قبل أن يبدأ بكتابته. وفي تشرين الثاني 1918، كتب إلى "مي زيادة" يقول "هذا الكتاب فكرت بكتابته منذ ألف عام..". ومن عام 1919 إلى عام 1923، كرس جبران جل وقته لهذا العمل، الذي اعتبره حياته و"ولادته الثانية". وساعدته "ميري" في التصحيحات، إلى أن وجد عام 1923 أن عمله قد اكتمل، فدفعه إلى النشر، ليظهر في أيلول نفس العام.

النبي" كتاب متميز جداً ممن حيث أسلوبه وبنيته ونغمية جمله، وهو غني بالصور التلميحية، والأمثال، والجمل الاستفهامية الخاصة على تأكيد الفكرة نفسها، من يستطيع أن يفصل إيمانه عن أعماله، وعقيدته عن مهنته؟، أو ليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها؟ يقول الناس الذين قرؤوا هذا الكتاب :( النبي هو كتاب في التفاؤل والأمل. وبطريقة شاعرية، وأسلوب سلس، يقدم لنا جبران فيه برسالة روحية تدعونا إلى تفتح الذات و إلى ظمأ أعمق للحياة)

 في عام 1931، كتب جبران بخصوص "النبي": "شغل هذا الكتاب الصغير كل حياتي. كنت أريد أن أتأكد بشكل مطلق من أن كل كلمة كانت حقاً أفضل ما أستطيع تقديمه". لم تذهب جهوده عبثاً: بعد سبعين سنة على وفاته، ما يزال يتداوله ملايين القراء في أنحاء العالم .

بقي جبران على علاقة وطيدة مع ماري هاسكل، فيما كان يراسل أيضا الأديبة مي زيادة التي أرسلت له عام 1912 رسالة معربة عن إعجابها بكتابه وتوفي جبران ولم يحظى بملقى ماري زيادة الذي قال فيها( ماري تمثل الأنوثة ذاتها)

وبدأت صحة جبران تزداد بالسوء ففي 9 نيسان وجدته البوابة يحتضر فتوفي جبران في 10نيسان 1931 في إحدى مستشفيات نيويورك وهو في الثامنة والأربعين بعد أصابته بمرض السرطان فنقل بعد ثلاثة أيام إلى مثواه الأخير في مقبرة "مونت بينيدكت"، إلى جوار أمه وشقيقته وأخيه غير الشقيق. ونظمت فوراً مآتم في نيويورك وبيونس آيرس وساو باولو حيث توجد جاليات لبنانية هامة. وبعد موافقة شقيقته مريانا ونقل جثمان جبران في 23 تموز إلى مسقط رأسه في لبنان واستقبلته في بيروت جموع كبيرة من الناس يتقدمها وفد رسمي مع رئيس الدولة ,  نقل إلى بشري، التي ووري فيها الثرى على أصوات أجراس الكنائس. وإلى جوار قبره، نقشت هذه العبارة: "كلمة أريد رؤيتها مكتوبة على قبري: أنا حي مثلكم وأنا الآن إلى جانبكم. أغمضوا عيونكم، انظروا حولكم، وستروني.

 كان جبران شخصية استثنائية في حياته و أعماله وإبداعه و حبه و عشقه للحياة فلم يرد أن يقول كلمة إذا لم تلمس قلب سامعها و تحرك مشاعر الإنسانية وتنير لها أبعاد الحياة و جماليتها فكان جبران ينظر للجانب المشرق و الأكثر إشراقاً رحل جبران بعد أن تحرك قلبه و عقله سريعاً لإنهاء رائعته (النبي) التي أراد بها إبراز أهمية المحبة فقال( المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها. المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة) تلك الكلمات القليلة جابت العالم و دارته لتعبر عن المحبة في شرقنا الدافئ .

من أعمال جبران: ألف بالعربية:

دمعة و ابتسامة عام 1914

الأرواح المتمردة 1908

الأجنحة المتكسرة 1912

و ألف بالإنكليزية:

النبي 1923

المجنون 1918

 السابق  1920

آلهة الأرض 1931

التائه 1932

المراجع التي أُخذت منها هذه المعلومات : 1 كتاب النبي لجبران خليل جبران

2 الموسوعة البريطانية الأدبية

 بقلم : مجد كاسوحة

الصفحة الرئيسية          دفتر الزوار